آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

شيء أكبر من الحظ

اليمن اليوم-

شيء أكبر من الحظ

بقلم / بدرالدين الإدريسي

ينتهي التجني على الوقائع بأن ننسب تأهل الوداد البيضاوي لمربع الأقوياء بعصبة الأبطال للمرة الثانية تواليًا والإطاحة بحامل لقب النسخة الماضية صنداونز للحظ ولا شيء غيره، عطفًا على أن العبور لم يكن إلا بعد اللجوء للضربات الترجيحية التي توافقنا في لغة كرة القدم على تسميتها بضربات الحظ.

تأهل الوداد ساهم فيه الحظ الذي لا يقف عادة إلا في صف الأقوياء، وساهم فيه الأداء البطولي للاعبي الوداد على اختلاف الدرجات والمستويات، وساهم فيه أيضًا التدبير الرصين النفسي قبل التكتيكي للمدرب الحسين عموتا الذي كان في مواجهة إعصار الخصم وبعض أهل البيت، إلا أن علامة التميز هي لجمهور الوداد البيضاوي، فما كان للفرسان الحمر أن يروضوا الفريق الجنوب أفريقي وأن يهزموه ويجردوه من لقبه، لو لعبت المباراة في سياقات أخرى ومن دون هذا المد الجماهيري الأحمر.

كثيرًا ما كنا نصف الجمهور باللاعب رقم 12 بإيعاز مما يمثله للمباراة ولفريقه من قيمة مضافة، إلا أن ما شاهدناه جميعًا من جماهير الوداد يوم السبت الأخير في مركب الأمير مولاي عبد الله في الرباط يقول إن هذه الجماهير كانت هي اللاعب رقم 1، وسآتيكم بما يدعم ذلك..

لم يكن الجمهور الودادي الذي كشف بتعبيرات متفاوتة عن مرارة الخسارتين أمام الفتح في رسم الجولة الأولى للبطولة الإحترافية وأمام صنداونز هناك ببريتوريا وعن فظاعة الأخطاء المقترفة فرديًا وجماعيًا، ليترك تلك المرارة تستوطن المشاعر، فقد توجه بأعداد قياسية إلى الرباط وهو مصمم على أن يصحح الوضع بنفسه، فاللحظة تاريخية بكل المقاييس، وما كانت هناك حاجة للاعبين، لجماهيرهم أكثر إلحاحًا من هذه اللحظة، لذلك هبوا لتلبية نداء الحب والرابط المقدس، وكان رائعًا أن هذه الجماهير التي سارت في مواكب الأمل والحلم، هي من صنع ملحمة التأهل، ومن يرد منكم دليلًا على ذلك ليسأل اللاعبين الوداديين أنفسهم، فقد أشعرهم الموج الأحمر بروعة السفر وبالحماية التي تشجع على اصطياد الفرائس الصعبة.

ولأن المباراة كانت مباراة أعصاب، فيها مد وجزر، فيها أوراق أينعت وأخرى ذبلت، فيها صعود ونزول، فقد ظلت الجماهير الودادية على هيئتها الأولى، يقظة ومتحفزة وأبدًا لا تترك لليأس طريقًا لمشاعرها، لذلك وجدناها توقظ اللاعبين كلما أصابتهم إغفاءة، وجدناها تطارد الوساوس والهواجس وتتمسك بالأمل لتجعله قمرًا يضيء الليلة، وعندما حلت ضربات الحظ رمت اللاعبين بقبس أسطوري فحركوا القلاع لتتجاوب مع تيار الحظ ويكون الفوز والتأهل الملحمي.

هذا كان دور الجماهير الودادية في صناعة العبور الكبير للدور نصف النهائي، وقد جاء في مبناه نسخة طبق الأصل من الدور الذي حددته في نفس هذه الزاوية من العدد الماضي، عندما كتبت وتذكرون ذلك:
"لا ملجأ للاعبي الوداد في مواجهتهم لإعصار صنداونز الجنوب إفريقي غير جمهورهم، فما يخلد في ذاكرتي على مدار أربعين سنة كاملة، صور لملاحم كروية صاغها لاعبون على أرضية الملعب، ولكن ما كان لها أن تأخذ شكلها الأسطوري وحتى الإعجازي، إلا بوجود جمهور يتحول فوق البساط الأخضر إلى نوبة إعصار تصيب الخصوم بالرمد والتوهان، وكثير من هذه الصور الملحمية هي لجماهير الوداد، فما أكثر ما كانت الهزائم المسجلة خارج الملعب تصيب باليأس والإحباط، إلا أنه بإجراء لقاء الإياب تذوب كالفقاعات كل تلك المخاوف، وتشعر أن الوداد قد تحول إلى إعصار لا يبقي ولا يدر».

«ومع كل المستلزمات التكتيكية الواجب توفرها لإسقاط صنداونز، نقف على الدور الإستراتيجي الذي ستلعبه جماهير الوداد خلال المباراة، فالمفروض أن تكون هي جهاز الحماية والرقابة، أن تدفع اللاعبين بتؤدة لكسب الرهان وأن لا تيأس قبلهم في إدراك الهدف.

أشعر أننا سنعيش ليلة حمراء تذكر بكل الليالي الجميلة التي صممها لنا لاعبو الوداد في مشوارهم القاري للموسم الماضي وحتى الموسم الحالي، فقط يجب أن نثق في قدرة اللاعبين على كسب الرهان».
بالقطع لست عرافا ولا أؤمن إلا بشيء واحد، هو أن الغيب في علم الله، إلا أن ما أنبأتني به الأزمنة الخالية والمعرفة الحقيقية بمعدن الجماهير المغربية، هو ما جعلني أتوقع أن تكون ليلة السبت خالدة، ما خلد فيها طبعا أن الوداد تأهل بشكل رائع لمربع الأقوياء، وما خلد فيها صورة أخرى تدعم ما كنا وما زلنا نقر به هو أن لا حياة للأندية من دون جماهيرها.

...................................
بالطبع لا يجب أن تصرفنا هيستيريا ليلة السبت، عن التأهل الرائع الذي حققه الفتح الرباطي لنصف نهائي كأس الكونفدرالية بعد إطاحته بالتخصص بالنادي الصفاقسي التونسي، صحيح أنه تأهل جاء هو الآخر بضربات الحظ، ولكن لا بد من تهنئة وليد الركراكي ولاعبي الفتح لأنهم نجحوا في إبطال مفعول الخبث التكتيكي الذي تتميز به الأندية التونسية، والذي تجرعنا به لسنوات الكثير من المرارات.
قطعا لا نريد لمسلسل الحلم أن يقف عند حلقة النصف، فما زال هناك متسع لكتابة فصول جديدة في كتاب الروائع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيء أكبر من الحظ شيء أكبر من الحظ



GMT 12:14 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

سلوك عموتة

GMT 04:12 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

عموتة يغادر والناصري يتحمل

GMT 15:07 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

ماذا أرتنا مرآة المونديال؟

GMT 19:03 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد واستراحة المحاربين

GMT 07:45 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حالة تسلل

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 11:07 2020 الخميس ,27 شباط / فبراير

وفاء الكيلاني تقدم «كتاب حياتى» فى رمضان

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:00 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات البنطلون الجينز لعام 2020

GMT 18:24 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

المدرب مونتيلا يُعلن حقيقة غياب نيانغ عن موقعة "يوفنتوس"
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon