آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

اللحظة الفيسـوانية

اليمن اليوم-

اللحظة الفيسـوانية

معتز بالله عبد الفتاح
بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

آخر مشاهد فيلم «العار» يجسد لحظة فارقة فى تاريخ السينما المصرية حين يكتشف «كمال»، جسد شخصيته الفنان نور الشريف، أن الصفائح التى توجد بها «البضاعة» قد ذابت من قاعها، فينزل إلى الملاحات ليصرخ: «شقى عمرى، شقى عمرى ضاع». فيقول له: «الفيسوانى» وهو تاجر الحشيش الذى جاء لشراء البضاعة: «مش عيب ابن الحاج عبدالتواب ما يعرفش أصول التخزين»، فيرد عليه أحد صبيانه: «التخزين كان من اختصاص الدفاس وأبودهشوم»، وهذان كانا قد ماتا فى حادثة سيارة فى بداية الفيلم.

وهنا تأتى أهم جمل الفيلم: «فيه حد يحط بضاعة 15 يوم فى صفيحة فى مية مالحة». فيسأل «كمال»: «والعمل يا فيسوانى؟» فيرد فيسوانى: «يعوض عليك ربنا».

وهذه هى النقطة التى عندها يفقد «كمال» وأخواه عقولهم: منهم من يجن ومنهم من ينتحر ومنهم من يغنى: «الملاحة والملاحة وحبيبتى ملو الطراحة، حصرة علينا يا حصرة علينا».

إذن اللحظة الفيسوانية هى لحظة فيها ثلاثة مكونات مركبة:

أولاً: تقصير شديد وعدم خبرة من قبل القائمين على أمر ما. ثانياً: خسارة فادحة ناتجة عن التقصير. ثالثاً: هزة نفسية وذهنية تفقد صاحبها اتزانه فيفعل ويقول ما لو تبصر قليلاً لما ذهب إليه.

أكاد أرى كل هذه الملامح فى أداء جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة من قبل 30 يونيو حتى الآن. فى ليلة 26 يونيو قابلت عدداً من الوزراء وبعضهم من الإخوان فى مقر مجلس الوزراء، وكنت أتوقع أن يكونوا مشغولين كثيراً بما هو مقبل فى الأيام الأربعة التالية، فوجدت أمراً عجباً: اطمئنان شديد، ثقة مبالغ فيها، عدم اكتراث بالرأى العام الغاضب. وقال أحدهم ما معناه: «الشعب معانا، والجيش كمان معانا» فتذكرت عبارة أحمد مكى: «الفلوس معايا، والبضاعة كمان معايا».

ما كان لى أن أتفهم معنى أن «الشعب معانا» كما يدركونه إلا إذا كانوا يخلطون بين «الشَعب» و«الشُّعَب» الإخوانية (بضم الشين)؛ وهذا خطأ شائع عند كل من لا يسمع عن نفسه إلا أماديح من المقربين منه فيظن أن «إنجازاته» يعرفها الجميع ويتصرفون على أساسها. أما الشق الخاص بأن «الجيش كمان معانا» فهو ما لم أفهمه إطلاقاً، وقد كان الفريق «السيسى» أصدر تحذيره قبلها بثلاثة أيام معلناً أن الحكومة والمعارضة أمامها أسبوع من أجل التوافق بقوله: «لن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد فى صراع يصعب السيطرة عليه».

فسألت السادة الوزراء، فقالوا لى: «السيسى يحذر المعارضة». فقلت: «تقديرى أن الرجل يقول ما يعنى ويعنى ما يقول، هو يحذر الجميع، وسيساند من يتخذ خطوات حقيقية نحو وقف تدهور البلاد إلى فوضى وعنف، فإما معكم أو معهم. وإن لم تتخذوا إجراءات ومبادرات حقيقية لنزع فتيل الأزمة، قد تنتهون إلى مواجهة مع قطاع من الشعب والجيش معاً».

هل غيّر كلامى من شىء؟ أبداً.

بعد 30 يونيو يتصل بى قيادى إخوانى كبير ويطلب منى أن أساعدهم فى التواصل مع القوات المسلحة من أجل عودة الدكتور «مرسى» والشرعية ومجلس الشورى؛ فقلت له لا أتصور أن هذا ممكن فى ضوء التصعيد اللفظى والوعيد الصادر من منصة رابعة فى «لحظة فيسوانية مليئة بالغيظ والحنق والغليان» بما يجعل أى حوار عقلانى مع الجيش لتهدئة الأمور مستحيلاً.

ويستمر سوء التقدير وسوء التصرف ليصعد الأمور فى اتجاه الصدام العظيم: وهى لحظة التقاء جسم يتحرك بسرعة عالية لا يمكن وقفه، مع جسم صلب راسخ لا يمكن تحريكه. وهو ما ينتج ما نراه الآن.

هذا كلام كتبته منذ سنتين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللحظة الفيسـوانية اللحظة الفيسـوانية



GMT 00:31 2017 الإثنين ,13 شباط / فبراير

ملاحظات على مباراة

GMT 22:15 2017 السبت ,11 شباط / فبراير

ماذا فعل «الوطني» بالوطن؟

GMT 22:34 2017 الأربعاء ,08 شباط / فبراير

النظارة المصرية... النظارة السعودية

GMT 22:23 2017 الثلاثاء ,07 شباط / فبراير

مش لاقيين وُزرا؟

GMT 02:15 2017 السبت ,04 شباط / فبراير

فيروس «ترامب» اخترق النظام الأمريكى
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 23:07 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 05:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

نشاطات واعدة تسيطر عليك خلال الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon