آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

«ترشيق» المنظمة... نعم، تهميشها... لا

اليمن اليوم-

«ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا

بقلم :عريب الرنتاوي

“ترشيق” منظمة التحرير الفلسطينية، أمرٌ هام وملح، فالمنظمة تعاني “إعاقة مزمنة”، وقد جرى تهميشها بخلاف الإرادة الجمعية للشعب الفلسطيني، وهي تعاني من ترهل مفرط و”شيخوخة” تلامس حافة الموت.وتخليص المنظمة من “مومياءات” أكل عليها الدهر وشرب، حتى أن بعضها قضى نصف قرن في عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة، قبل أن يدرك (أو يقرر) أن موقعه في “المعارضة” وليس في السلطة، والخلاص من أمناء عاميّن لفصائل لم تعد موجودة، هذا إن قلنا إنها كانت موجودة أصلاً، فأحسب أنها خطوة في الطريق الصحيح، وإن كانت متأخرة ربع قرن على أقل تقدير.وتفادي حال “الازدواج” بين مؤسسات المنظمة وهياكلها من جهة، ومؤسسات السلطة وهياكلها، التي تقوم بالأدوار ذاتها، وأحيانا، بما يعمق “الالتباس” بدل تبديده من جهة أخرى، فهذا أمرٌ محمود، سيما بوجود جيوش من الأسماء على كشوف الرواتب، لا وظيفة لكثيرين منهم، سوى “تجشم عناء” الذهاب آخر كل شهر، إلى أقرب “صراف آلي” لاستلام الراتب، أو ما تيسر منه.وتقليص عدد أعضاء المجلس الوطني ليصبح أقل قليلاً من “مجلس الشعب الصيني”، فهذا إجراء عملي و”اقتصادي”، سيما بعد أن باتت مهمة انعقاد المجلس، أقرب إلى تنظيم “المونديال”، سيما في ضوء تعدد الروايات حول عضوية المجلس، كم تبلغ وممن تتكون، إلى غير ما هنالك من أسئلة، من المخجل إثارتها حين يتعلق الأمر بـ”أعلى سلطة لدى الشعب الفلسطيني”... 

والحقيقة أن عضوية المجلس الوطني الفلسطيني توفر تجربة فريدة من نوعها، فأنت قد تبلغ سن التقاعد و”تحال على المعاش” أو قد يتوفاك الله، قبل أن تتاح لك الفرصة في المشاركة في الاجتماع التالي للمجلس.كل هذا وغيره صحيح، بل وصحيح تماماً، ويتوجب أعلى درجات الاستنفار للخروج بمنظمة رشيقة ومجلس فاعل ومؤسسات شرعية منتخبة، وقيادات شابة، أو نصف شائخة على الأقل، وأذكر مذ أن بدأت بتتبع اجتماعات المجلس عن كثب، ولأول مرة في العام 1979، في دمشق، أن مطلب إصلاح منظمة التحرير كان مدرجاً على جدول الأعمال، وكلما تقدمنا في الزمن “والسن”، باتت المهمة المنتظرة طويلاً، أكثر صعوبة وأشد إيلاماً وأعلى كلفة.لكن القلق يساورني كما كثيرٍ من الفلسطينيين وأصدقاء الشعب الفلسطيني، من أن تكون “التسريبات” بصدد تقليص عضوية المجلس وإلغاء دوائر وهيئات، إنما تأتي في سياق آخر، أو بالأحرى تتوج سياقاً بدأ منذ زمن طويل، وتفاقم بعد أوسلو وقيام السلطة: تفكيك المنظمة وإضعافها لصالح السلطة، لتصبح الأخيرة “البنت التي ولدت أمها”، بخلاف حقائق الكون والطبيعة والمجتمع .... 

هذا أمرٌ مقلق للغاية، ولا يجوز صرف النظر عنه أو الاستخفاف بعقابيله.كنّا نظن، وبعض الظن سذاجة، وليس إثماً فقط، أن “الدرس المستفاد” من انسداد عملية السلام وتآكل حل الدولتين وانكماش مساحة السلطة وحدودها و”سيادتها”، وكونها “سلطة بلا سلطة”، سوف تقود إلى الاستنتاج البدهي: تعزيز مكانة المنظمة وتطوير دورها وتوثيق روابطها مع شعبها في الوطن المحتل والشتات، فهل هذا ما يقصد بالتسريبات حول الترشيق والتقليص والدمج والإلغاء؟وحتى بفرض أن “الوهم” ما زال معشعشاً في العقول، وأن تجارته ما زالت رابحة، فهل يمنع قيام دولة فلسطينية في مناطق من الضفة والقطاع، تكثيف العمل الجاد لبعث وإحياء منظمة التحرير، أقله للقيام بالأدوار الاستراتيجية التي قامت بها “الوكالة اليهودية” قبل وبعد قيام إسرائيل ...

 فإذا كانت الأخيرة، نجحت في اقتلاع ملايين اليهود من مجتمعاتهم الأصلية، وهجرتهم إلى إسرائيل، وأنشأت “أنوية” “لوبيّات” إسرائيلية في معظم دول الانتشار اليهودي، أليس من الأجدى أن نفكر بدور لمنظمة التحرير، يكرس ارتباط الأطراف بالمركز، واللاجئين بوطنهم الأم، والشعب المهاجر/اللاجئ بالشعب المقيم؟ ... أليس من الملح، ابتداع شتى الطرق وابتكار مختلف الأدوات، لتحويل الاغتراب الفلسطيني، إلى “أنوية” لـ “لوبيّات” فلسطينية، تدعم السلطة وتعزز مكانة الدولة عند قيامها، وتذود عن مصالحها وتعمل على تعظيمها؟لا أدري كيف أمكن التفريط بـ “بورقة” على هذا القدر من الأهمية، مع أن أكثر من ستة ملايين لاجئ، ليسوا “ورقة” بحال من الأحوال، فهم نصف الشعب الفلسطيني، وهم من حملوا الحركة الوطنية على أكتافهم، وهم من رفدها بالغالي والنفيس، وهم من جرى التخلي عنهم، وشطبهم... بجرة قلم.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا «ترشيق» المنظمة نعم، تهميشها لا



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 05:05 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في ذمار الخميس

GMT 15:08 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الهومنتمن اللبناني يتأهل لنصف نهائي البطولة العربية للسلة

GMT 05:10 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

أفضل 10 أغذية لمكافحة السرطان

GMT 14:43 2016 الجمعة ,08 إبريل / نيسان

بيومي فؤاد في البرنامج الساخر "أشرف يقدمه أيمن

GMT 11:31 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

غريفيث يزور مسقط غدًا السبت لإنعاش المفاوضات

GMT 23:34 2017 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

بدء عرض مسلسل "الرحايا" على قناة On drama

GMT 13:20 2019 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ريم عرنوق توقع مجموعتها القصصية "حرملك"

GMT 14:15 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

تبادل رفات ضحايا حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران

GMT 20:03 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تعرف على أحكام إخراج زكاة "عيد الفطر"

GMT 00:12 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

العثور على جثث 3جنود شرقي مدينة تعز
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon