آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية

اليمن اليوم-

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية

بقلم : عريب الرنتاوي

لا يختلف الأردنيون على "تشخيص" جملة التهديدات والتحديات التي تجابههم في هذه المرحلة، وإن كانوا يختلفون على تقدير حجمها وأولوياتها ... على أنهم ينقسمون على أنفسهم عند النظر إلى كيفية معالجتها والتصدي لها.

من دون التقليل من بقية التحديات والتهديدات الداخلية، وبالأخص الخارجية، تتصدر الضائقة الاقتصادية التي تعتصر الأردن والأردنيين، صدارة الاهتمامات والأولويات ... "الأنباء الجيدة" حول هذا الموضوع، حتى الآن على الأقل، أن المواطن الأردني يتعامل بقدر عالٍ من الإحساس بالمسؤولية حيال هذه الأزمة، وهو ما زال يغلب أولوية الأمن والاستقرار على ما عداهما من أولويات ... أما "الأنباء السيئة" حول الموضوع ذاته، فتتجلي في غياب أي أفق قريب للخروج من عنق الزجاجة.

مثل هذه الوضعية، ليست فريدة في تاريخ الأردن المعاصر ... الضائقة الاقتصادية و"انهيار الدينار" وارتفاع المديونية إلى الناتج الإجمالي في العام 1989، ما زالت تجربة ماثلة في الأذهان... يومها أيضاً لم تكن هناك "حلول  سحرية"، ولم يتملك صانع القرار على "عصا موسى"، يضرب بها البحر أو الصحراء، فتتفجر ينابيع الموارد والرخاء ... يومها، وبقرار جريء وتاريخي، استدل جلالة المغفور له، على "حل سياسي" للأزمة الاقتصادية، مكن الأردن والأردنيين من اجتياز الأصعب، بأقل قدر من الخسائر، وبأعلى درجة من الاستقرار والهدوء، حين استجاب لنداءات الغاضبين والمحتجين في "هبة نيسان"، وقرر استئناف الحياة البرلمانية والحزبية في البلاد، مروراً بالميثاق الوطني و"شرعنة الأحزاب"، عطفاً على برلمان 1989 الاستثنائي في مكانته وسمعته الشعبية، وانتهاء بولوج عتبات مرحلة جديدة,.

من وحي تلك التجربة، التي تقترب ذكراها الثلاثون، نقترح البحث عن "حل سياسي" للضائقة الاقتصادية، التي قلنا ونقول، أنها باتت تُقرأ بمفردات "نظرية الأمن القومي" وليس بأرقام الاقتصاد الكلي والجزي، من دون أن تساورنا الأوهام، بأن حلاً كهذا يمتلك قدرة سحرية على اجتراح المعجزات، أو أنه سيوفر للبلاد "عصا موسى" جديدة، لكنه بالقطع، سيمكن الأردن والأردنيين، من تعزيز جهاز مناعتهم المكتسبة، واجتياز هذا "القطوع" بأقل قدر من الخسائر، وبأعلى درجات الأمن والاستقرار والأمان، تماماً مثلما حصل قبل ثلاثة عقود.

إن أولى خطوات هذا "الحل السياسي" تقترح، تشكيل "هيئة ملكية" وازنة وممثلة، تعمل على بناء توافقات وطنية، صلبة وعريضة، بين مختلف الشرائح والفئات، الكيانات والمكونات، السياسية والاجتماعية، لإنتاج "ميثاق وطني جديد"، فالميثاق تقادم، وتجاوزته الأحداث، وبات وثيقة للتاريخ ... ميثاق جديد، يستلهم الأوراق النقاشية السبع، وما جاءت به من رؤى وأفكار، لا أحسب أن كثيرٍ من "الإصلاحيين" في البلاد، يتطلع لأكثر منها أو زيادة عليها.

ميثاق وطني جديد، يرسم قواعد اللعبة، وينبي إجماعاً وطنياً حول منظومة الحقوق والواجبات "الفوق دستورية"، ويؤسس لمرحلة جديدة من استنهاض العمل الوطني والسياسي في البلاد ... وهيئة ملكية تسهر على وضع رزنامة زمنية، لترجمة الأفكار التي استبطنتها الأوراق النقاشية، وكيفية نقلها إلى حيز التنفيذ.

ولعل نقطة البدء، في مشوار "الحل السياسي" المقترح، إنما تتمثل في الاتفاق على قانون انتخاب جديد، يخرج من عباءة الصوت الواحد المرذول، والأنظمة الانتخابية الهجينة التي لم تأت سوى ببرلمانات من ذات قماشة برلمانات الصوت الواحدوطرازها، لننتهي إلى برلمان قوي، قائم على التعديد السياسية والفكرية والبرامجية، وتنبثق عنه "ثاني حكومة برلمانية" في تاريخ البلاد ... حكومة بسند شعبي صلب و"أكتاف عريضة"، قادرة على أن تشكل مع البرلمان المنبثقة عنه، "مصدات" قوية، تحمي النظام السياسي وتؤسس لقاعدة الاستقرار المستدام، وتتحمل مسؤولياتها في الاضطلاع بالملفات الكبرى التي تجبه البلاد والعباد، الآن، وفي قادمات الأيام، حيث تنتظرنا أصعب التحديات، من الغرب أساساً، وليس من الشمال والشرق فحسب... حكومة وبرلمان، قادران على قيادة الأردنيين لمواجهات تحديات الداخل والخارج، بعد أن تكونا قد جسّرتا فجوات الثقة العميقة التي تباعدهما عن الشعب، وبما يضع نهاية لحالة "الغربة" بين المواطن والمسؤول.

المصدر :جريدة الأيام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 22:10 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

فساتين سهرة محتشمة من وحي رؤى الصبان

GMT 02:26 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الصيد غير القانوني وإزالة الغابات يهددان بقاء قردة بورنيو

GMT 03:33 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الزواج يساعد في تقليل نسبة الأزمات القلبية

GMT 06:59 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

هيونداي تطلق سيارة ساخنة اقتصادية

GMT 12:27 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

بوتين يشرف على تدابير واسعة للوقاية من "كورونا"

GMT 17:59 2019 السبت ,06 تموز / يوليو

تشكيلة مصر بلا مفاجآت أمام جنوب أفريقيا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon