آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

هل الانتخابات هي الحل؟

اليمن اليوم-

هل الانتخابات هي الحل

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

آخر السائرين على خط الوساطة بين طرفي الانقسام الفلسطيني، فتح وحماس، هي لجنة المتابعة للأحزاب العربية، وراء الخط الأخضر ... الأنباء تتحدث عن “مبادرة” تقدمت بها الأحزاب والنواب العرب إلى مختلف الأفرقاء الفلسطينيين، وأنها لقيت ترحيباً من كثيرين منهم ... والأنباء ذاتها تحدثت “حكومة الوحدة” وانتخابات رئاسية وبرلمانية” بوصفهما ركيزتين أساسيتين لحل معضلة الانقسام.

تعددت المبادرات العربية والدولية التي سعت في رأب الصدع بين الجانبين، وتناسلت المبادرات الأهلية الفلسطينية الصادرة عن نشطاء الضفة والقطاع لتحقيق الغرض ذاته ... تكاثرت الأوراق والبرتوكولات التي ظلت جميعها حبراً على ورق، وانتهت مفاعليها قبل أن يجف الحبر الذي كتب بها ... وتبددت ابتسامات الوجوه ذاتها التي امتهنت التقاط الصور التذكارية بقبضاتها المتشابكة والمرفوعة عالياً ... لكن شيئاً على الأرض لم يتحقق، فالانقسام على حاله، باق ويتعمق، والمصالحة باتت هدفاً بعيداً المنال، ربما ينضم إلى قائمة الأهداف الوطنية الكبرى المجهضة.

أن يبادر قادة “عرب 48” لأخذ زمام الوساطة بين أشقائهم في الوطن، فهذا أمرٌ محمود، يسجل لهم، وهم الذين قدموا في الانتخابات الأخيرة للكنيست نموذجاً ريادياً على تجاوز الخلافات التكتيكية والانقسامات السياسية، لصالح هدف وطني أعلى وأسمى ... والشعب الفلسطيني المنزرع في أرضه منذ نكبته، يقدم اليوم بارقة أمل كبرى للشعب الفلسطيني كله، إذ ربما من خلف الخط الأخضر، ستنطلق إرهاصات تجدد الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، لأسباب شتى ليس هنا مجال للخوض فيها.

وأن يقال بان مبادرة لجنة المتابعة، لقيت ترحيباً من قبل كثيرٍ من الأطراف المستهدفة بها، فهذا أمرٌ جيدٌ كذلك، مع أن طرفي الانقسام، لم يترددا يوماً عن الإشادة بكل المبادرات والمبادرين، ولطالما أجمعا على الترحيب بالأفكار العظيمة التي تصدر تارة عن الدوحة وأخرى عن القاهرة، وثالثة عن مؤسسات مدنية وشخصيات وطنية فلسطينية، من دون أن نعرف لماذا يستمر الانقسام وتتعطل المصالحة، طالما أن كل هذه المبادرات تنطوي على قدر كبير من الأفكار القيمة والعظمية.

الانتخابات، رئاسية كانت أم تشريعية، ليست هي الحل كما تقول المبادرة ... الانتخابات الأخيرة كانت سببا للانقسام وأداة لتعميقه وإطالة أمده ... قبل عشر سنوات فازت حماس في الانتخابات التشريعية فوزاً مظفراً، وقبلها بعام، فاز محمود عباس بالانتخابات الرئاسية فوزاً مؤزراً ... لا هذه ولا تلك، أقنعت طرفي الانقسام بالاحتكام لنتائج الانتخاب وصناديق الاقتراع.

وبفرض قبول الطرفين بالذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، ونضيف إليها انتخابات أعضاء المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية ... من قال إنهما سيرتضيان بالنتائج التي ستتمخض عنها وسيحتكمان إليها؟ ... هل ستتخلى حماس عن سلطتها في قطاع غزة في حال فازت فتح في الانتخابات؟ ... وهل ستتنازل فتح عن السلطة لحماس في الضفة الغربية، لو جاءت النتيجة بخلاف ذلك؟ ... ليس المهم أن نجري الانتخابات، المهم أن يتمكن الطرف الفائز فيها، أياً كان، من تولي زمام السلطة والمرحلة في شطري الوطن المحتل والمحاصر، وبخلاف ذلك، ستكون الانتخابات الجديدة، سبباً في تعميق الانقسام الذي نجم عن نتائج الانتخابات القديمة.

والحقيقة أننا لا نتوفر على ضمانة من أي نوع، تقول بأن التداول على السلطة (التي لا سلطة لها) سيتم بسلاسة هذه المرة، وهو لم يحصل في المرة السابقة ... فتح سمحت لحماس بتشكيل الحكومة، ولكنها أبقت بين يديها بكل مقاليد السلطة والقرار ... لتعود حماس وتتقمص دور فتح مع تشكيل حكومة التوافق الوطني، عندما سمحت لوزراء الحكومة باحتلال مكاتب وزاراتهم في غزة، بيد أنها أبقت لنفسها وبين يديها، بكافة مقاليد السلطة والقرار.

ثمة بنية تحتية صلبة تعزز الانقسام وتكرسه وتديمه، وثمة منظومة من المصالح الانتهازية التي تشكلت في العشرية السوداء الأخيرة، وثمة طبقة من الطفيليات نمت على جذع الانقسام، ستعمل ما بوسعها لقطع الطريق على أية محاولة لإنهائه، وهي فئة أو طبقة نافذة، ومبثوثة في ثنايا السلطة ومؤسسات القرار على ضفتي الانقسام في رام الله وغزة سواء بسواء.

لا يعني ذلك أن انهاء الانقسام بات مهمة مستحيلة، وعصية على التحقيق ... لكن نظرة واقعية في الأسباب المتداخلة والمتشابكة التي حالت دون نجاحات المبادرات السابقة، يجب أن تكون حاضرة في أذهان أصحاب المبادرة الجديدة، حتى لا نزرع الوهم من جديد، فكل محاولة فاشلة، تتسع معها قواعد المتشائمين والمحبطين من رجال فلسطين ونسائها ... ولا بد من التفكير “خارج الصندوق” في هذا الشأن، وهذا أمرٌ سنعود إليه في مناسبات قادمة، وإن كنّا تناولناه في مرات سابقة عديدة، وفي هذه الزاوية بالذات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الانتخابات هي الحل هل الانتخابات هي الحل



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 05:05 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في ذمار الخميس

GMT 15:08 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الهومنتمن اللبناني يتأهل لنصف نهائي البطولة العربية للسلة

GMT 05:10 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

أفضل 10 أغذية لمكافحة السرطان

GMT 14:43 2016 الجمعة ,08 إبريل / نيسان

بيومي فؤاد في البرنامج الساخر "أشرف يقدمه أيمن

GMT 11:31 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

غريفيث يزور مسقط غدًا السبت لإنعاش المفاوضات

GMT 23:34 2017 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

بدء عرض مسلسل "الرحايا" على قناة On drama

GMT 13:20 2019 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ريم عرنوق توقع مجموعتها القصصية "حرملك"

GMT 14:15 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

تبادل رفات ضحايا حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon