آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»

اليمن اليوم-

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»

بقلم : عريب الرنتاوي

أثار السيد رجب طيب أردوغان غضب الإسلاميين المصريين عندما زار القاهرة في 2011، بدعوتهم إلى اعتماد “العلمانية” في دستور بلادهم الجديد، مقدماً النموذج التركي بوصفه الشاهد الحي على المصالحة بين الإسلام والعلمانية ... يومها، تصدت جماعة الإخوان – الأم، للرد على تصريحات الضيف، طالبةً إليه عدم التدخل في الشؤون المصرية الداخلية، مجددة رفضها “استيراد التجارب والنماذج” من الخارج. أمس، بدت الصورة مغايرة تماماً ... رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان، يدعو من تحت قبة البرلمان، إلى “شطب العلمانية” من الدستور التركي، والتقدم بدستور “ديني” جديد، باعتبار أن تركيا بلداً مسلماً، ومن الطبيعي أن يُصاغ دستورها على هذا الأساس... لتطلق هذه الدعوة، سيلاً من الجدل لم ينقطع، اضطر معها الحزب الحاكم، إلى إصدار بعض التوضيحات التي تستهدف احتواء الموقف. كان لافتاً أن تصريحات إسماعيل كهرمان ودعواته، جاءت في توقيت حرج بالنسبة لحزب العدالة والتنمية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى في كسب تأييد بعض الأحزاب العلمانية، لمشروع تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي ... لا شك أن الدعوة لـ “أسلمة” الدولة والدستور، من شأنها أن تثير قلق بعض العلمانيين، وتمنعهم من منح تأييدهم لخطط الزعيم الطامح برئاسة مطلقة. وربما هذا ما اقتضي مسارعة الحزب إلى تجديد التأكيد على علمانية الدولة ودستورها، بل ودخول أردوغان شخصياً على خط الجدل الدائر حو “دينيّة” الدولة و”علمانيتها”، معبراً عن انحيازه للأخيرة، بوصفها تعبيراً عن “وقوف الدولة على مسافة واحدة من مواطنيها”، مميزاً بين علمانية معادية للدين وأخرى متصالحة معه. والملاحظ أن التوضيحات التي انهمرت على ألسنة قادة العدالة والتنمية لم تنجح في تبديد شكوك علمانيي تركيا ومخاوفهم، فقد ردت الأحزاب القومية والعلمانية بقوة على تصريحات إسماعيل كهرمان، وخرجت تظاهرات منددة بمحاولات إخراج تركيا عن مسارها العلماني الذي ناهز المائة عام تقريباً. المراقبون منقسمون في تفسير مغزى وتوقيت تصريحات كهرمان، فريق منهم يستبعد أن تكون تصريحات رئيس البرلمان “زلة لسان” أو تعبير عن موقف شخصي، ويرجح أن تكون قد صدرت بضوء أخضر من أردوغان وتشجيع شخصي من لدنه، وأن الهدف من ورائها، هو “جس نبض” بقية التيارات والأحزاب واستطلاع فرص واحتمالات تقبلها لهذا “الانقلاب” على النظام العلماني التركي، الذي طالما أظهرت الحركة الإسلامية احترامها له، والتزامها بقواعده، بل وسعيها “تصديره” لدول شقيقة وصديقة، بوصفه النموذج الأفضل للحكم، او على الأقل، هكذا كانت تُظهر. فيما فريق آخر من المراقبين، يرى أن تركيا مقبلة على انقلاب حقيقي على العلمانية، وأن هذا الانقلاب قد بدأ أصلاً بـ”أسلمة” كثير من مجالات وفضاءات الحياة العامة، وأن المسألة لن تتوقف عند “جس النبض” فقط، بل ستتبعها خطوات أخرى، على طريق “فرض الطابع الديني الخاص” على مؤسسات الدولة ودستورها. حزب العدالة والتنمية، كان يرفض تماماً أن يوصف بالحزب الإسلامي، أو حتى بالحزب ذي المرجعية الإسلامية، كان يفضل أن يصنف حزباً محافظاً لا أكثر ولا أقل ... اليوم، تخرج قيادات حزبية كبيرة من صفوق الحزب، وتستكثر على تركيا تكون دولة علمانية، وتقترح العمل على أسلمة الدستور ... يبدو أن نظرية “التمكين” قد فعلت فعلها، وبلغت تطبيقاتها مراحل متقدمة، لم يعد معها من الضرورة اللجوء إلى “التقية” أو “التمويه”، بعد أن أصبح “اللعب بورق مكشوف” أو التكشير عن الأنياب، أمراً ممكناً وقليل الكلفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة» تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»



GMT 13:25 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

مسجد آيا صوفيا!

GMT 12:20 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

بدايته.. ونهايته!

GMT 04:09 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

إننى أشك!

GMT 23:16 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

ليس من حق أردوغان أن يعظ فى حقوق الإنسان!

GMT 00:02 2019 الأحد ,10 شباط / فبراير

فشل أردوغان الاقتصادى!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 14:53 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مقتل مغني الراب الأميركي إكس إكس تنتيشن في فلوريدا

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر

GMT 17:23 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

7 فوائد جمالية لفاكهة الرمان

GMT 15:27 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

إطلاق أكاديمية نون العام الدراسي المقبل

GMT 14:18 2016 السبت ,09 إبريل / نيسان

طائرات هليكوبتر روسية محمية من صواريخ الكتف

GMT 00:00 2018 السبت ,22 أيلول / سبتمبر

هل العلاج النفسي مهم لصحة طفلك؟

GMT 09:38 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

نجا سعادة يطلق مجموعته للأزياء " Ready Couture"
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon