آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات

اليمن اليوم-

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات

بقلم - عماد الدين حسين

يسأل بعض الناس أحيانا: هل ينبغى على الحكومة المصرية أن تهتم بما تقوله القوى والمنظمات والبلدان الغربية بشأن ملف حقوق الإنسان والحريات فى مصر؟!
بعض الناس يسأل السؤال بصيغة أخرى، وهى: لماذا لا ترد الحكومة المصرية على هذه المطالبات الغربية بعبارة بسيطة: «اخبطوا أدمغتكم فى أقرب حائط»!
وهناك صيغة ثالثة لهذا السؤال مفادها: «هل نحن نحتاج الغرب، وبالتالى نضطر للاستماع إلى ما يقوله فى ملف حقوق الإنسان؟!
الإجابة على الأسئلة السابقة بأكملها تصب فى اتجاه واحد، وهو أنه يندر أن نجد دولة طبيعية فى العالم تستطيع أن تعيش فى عزلة، أو بعيدا عن الاعتماد على بقية العالم، فما بالك إذا كانت ظروف هذه الدولة الاقتصادية صعبة جدا مثل مصر؟!
بالطبع وقبل طرح كل هذه الصيغ من الأسئلة، فإن المنطق الطبيعى يقول إنه يفترض بداهة بالحكومة المصرية أن تحترم حقوق الإنسان، لأن هذا هو الأصل، سواء رضى عنا الغرب أم لا.
لكن نعود إلى الواقع وبعيدا عن الافتراضات والتمنيات والعواطف والمشاعر والكلمات الرنانة، فهذا الغرب لديه أوراق قوة كثيرة. الغرب وخاصة أمريكا هو الذى يقود ويوجه مؤسسات التمويل الدولية خصوصا صندوق النقد والبنك الدوليين. يمكن لهذا الغرب أن ينتقم من أى دولة بسبب خلافات سياسية، كما فعل دونالد ترامب مع تركيا، لإجبارها على إطلاق سراح القس برانسون. يملك الغرب منح المنح والمساعدات أو وقفها، كما يملك وسائل الإعلام الجبارة التى «تشيطن» الدول أو المسئولين أو تضعها فى مصاف الملائكة!. يملك الغرب الأسلحة والأغذية والأدوية التى تعتمد عليها غالبية بلدان العالم. وصار هو المالك شبه الحصرى للتكنولوجيا الحديثة، خصوصا فى الاتصالات.
هل يعنى كل ما سبق أننا لا نملك أى أوراق ضغط فى مواجهة هذه الكروت الذكية والذهبية؟!
بالطبع نملك أوراقا كثيرة ومهمة مثل الموقع الجغرافى، والتأثير الكبير فى المنطقة العربية، والغرب يحتاجنا أيضا، خصوصا فى ملف الهجرة غير الشرعية، ومواجهة الإرهاب والتطرف، لكن للموضوعية، فإننا نحتاج الغرب، بصورة أكبر كثيرا من احتياجه إلينا.
للتدليل على ما سبق، نذكر أن الولايات المتحدة تقدم لنا مساعدات سنوية منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل، لكن هذه المساعدات، تحولت إلى ورقة ضغط أمريكية ضدنا لكى ننفذ طلبات متعددة لواشنطن.
نتذكر أيضا أن الكونجرس الأمريكى ضغط علينا كثيرا منذ بدأت هذه المساعدات، مرة بحجة اضطهاد الأقباط، ومرة باسم غياب الحريات ومرة بسبب تعثر الديمقراطية، ومرة باسم التضييق على منظمات المجتمع المدنى.
الأوروبيون أيضا استخدموا المنح والمساعدات للضغط علينا فى موضوع الحريات وحقوق الإنسان، وان كان الموقف الأوروبى أخف وأكثر اعتدالا مقارنة بالسفور الأمريكى الذى يصل حد البجاحة أحيانا.
المثال العكسى هو حالة الصين التى لا نحتاج لدعم أو مساعدات من أى نوع من الغرب، ولذلك حينما ينتقد سجلها الحقوقى، فهى تقول له: «لا نهتم بمواعظكم وسوف نستمر فى سياستنا وتوجهاتنا».
ونتذكر أن مصر تحدت الولايات المتحدة وأوروبا، وحاكمت العديد من أصحاب ومسئولى المنظمات الحقوقية الغربية والمصرية بعد ثورة يناير ٢٠١١، وأغلقت هذه الفروع، لكن للأسف، فقد أسفر الضغط الأوروبى الأمريكى عن الإفراج عن كل المحبوسين وترحيلهم بصورة غامضة ومريبة، قبل أن يتم تبرئة المتهمين لاحقا قبل شهور.
الحكومة المصرية تحاول تفادى الضغوط الغربية، بطرق متعددة. هى ترفض الكثير من الأفكار والشروط الغربية، وتناور هنا وهناك، لكن، لا يمكنها أن تصطدم مع الغرب دائما، لأننا نحتاج إليه كثيرا فى العديد من الملفات، وبالتالى نستمع إليه حينا، و«نطنش» حينا آخر.
هذا السيناريو كان هو السائد طوال عهد حسنى مبارك، خصوصا مع الولايات المتحدة، وبالاخص فى ملف مثل الأقباط والقبض على سياسيين مثل سعدالدين إبراهيم أو أيمن نور، وآخرين. 
بعد كل ما سبق، وإذا اتفقنا أننا نحتاج إلى هذا الغرب أحيانا، فعلينا أن نتحلى ببعض التواضع، وأن نفكر بهدوء وتعقل ونعرف متى نرفض ومتى نقبل، ونصبر حتى نكون أقوياء ونستطيع الاستغناء عن مساعدات الغرب. 
وختاما: أليس من الأفضل أن يتم مراعاة حقوق الإنسان فعلا، حتى نتجنب هذه التدخلات والإملاءات والانتقادات من قوى دولية كثيرة؟!

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 14:53 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مقتل مغني الراب الأميركي إكس إكس تنتيشن في فلوريدا

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر

GMT 17:23 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

7 فوائد جمالية لفاكهة الرمان

GMT 15:27 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

إطلاق أكاديمية نون العام الدراسي المقبل

GMT 14:18 2016 السبت ,09 إبريل / نيسان

طائرات هليكوبتر روسية محمية من صواريخ الكتف

GMT 00:00 2018 السبت ,22 أيلول / سبتمبر

هل العلاج النفسي مهم لصحة طفلك؟

GMT 09:38 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

نجا سعادة يطلق مجموعته للأزياء " Ready Couture"

GMT 02:22 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

تعرف على مواصفات سيارة بورش 911 كابريو الجديدة

GMT 01:22 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

الرئيس الفرنسي يعلن أن طرد80 من دعاة الحقد

GMT 12:33 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب يحذر من "قنبلة" تهدد الأمن القومي في أفريقيا

GMT 02:34 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

كيكة الليمون خفيفة وشهية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
Beirut, Beirut Governorate, Lebanon